يُعد حي البساتين واحدًا من أهم وأعرق أحياء جنوب القاهرة، فهو ليس مجرد منطقة سكنية مكتظة بالسكان، بل هو سجل تاريخي حي يروي قصة تحول “ريف القاهرة” من بساتين خضراء غنّاء إلى مركز حضري وصناعي هام. يجاور الحي مناطق حيوية مثل المعادي، دار السلام، والمقطم، ويتميز بمزيج فريد يجمع بين الأصالة الريفية، الحيوية الشعبية، والأهمية الصناعية. في هذا الدليل، سنغوص في أعماق حي البساتين، لنكتشف قصة تسميته، تاريخه، أهم مناطقه، والتحديات التي تواجهه اليوم.
لم يأتِ اسم البساتين من فراغ، بل هو انعكاس لطبيعته التاريخية الخلابة. في عصر المماليك، كانت هذه المنطقة عبارة عن مساحة شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة التي كانت تُعرف باسم **”بساتين السلطان”**، حيث كانت تمد القاهرة بأجود أنواع الفواكه والخضروات. مع مرور الزمن، سقط لقب “السلطان” وبقي الاسم “البساتين” عالقًا في الأذهان، وظلت المنطقة محتفظة بطابعها الزراعي حتى وقت ليس بالبعيد. كانت تُعرف حتى أواخر ستينيات القرن الماضي بـ “ريف القاهرة”، حيث كانت تسكنها مجموعة من العائلات الأصيلة التي امتهنت الزراعة والفلاحة، بينما عمل البعض الآخر في مجال البناء والمحاجر.
شهد حي البساتين تحولًا جذريًا في تركيبته السكانية وطبيعته العمرانية بداية من سبعينيات القرن الماضي. أدت الزيادة السكانية الكبيرة في القاهرة إلى نزوح أعداد هائلة من الأسر للإقامة في المنطقة، مما أدى إلى موجة بناء واسعة على الأراضي الزراعية التي تقلصت تدريجيًا حتى اختفت تمامًا. هذا التوسع العمراني السريع، والذي كان عشوائيًا في معظمه، أدى إلى تدهور البنية التحتية. كما قامت الدولة ببناء مساكن شعبية في بعض المناطق الصحراوية التابعة للحي، مما ساهم في تغيير التركيبة السكانية بشكل أكبر.
“من منطقة زراعية هادئة إلى واحد من أكثر أحياء القاهرة ازدحامًا، يروي حي البساتين قصة التحضر السريع الذي شهدته العاصمة المصرية، بكل ما يحمله من فرص وتحديات.”
يضم قسم شرطة البساتين، الذي كان يتبع قسم الخليفة ثم المعادي قبل أن يستقل، عددًا كبيرًا من المناطق والشياخات المتنوعة في طابعها، ومن أبرزها:
على الرغم من التحديات، يشتهر حي البساتين بكونه موطنًا لأكبر منطقة صناعية متخصصة في الرخام والجرانيت في مصر والشرق الأوسط، وهي **منطقة شق الثعبان**. هذه المنطقة، التي نشأت بجهود أهلية، أصبحت مصدرًا رئيسيًا للدخل القومي بفضل كونها من الصناعات التصديرية الهامة، كما أنها توفر آلاف فرص العمل. ومع ذلك، تواجه هذه الصناعة الحيوية تهديدات قد تؤثر على مستقبلها، مثل زيادة الضرائب والمنافسة الخارجية، مما يتطلب اهتمامًا ورعاية من الدولة للحفاظ على هذا الصرح الصناعي الهام.
رغم طابعه الشعبي، يحتفظ حي البساتين ببعض المعالم التاريخية التي تروي قصصًا من الماضي.
تقع في الناحية الشرقية من الحي “مقابر اليهود”، والتي تضم رفات أبناء الطائفة اليهودية الذين أقاموا في مصر قديمًا. مع مرور الوقت، نشأت على أطلال هذه المقابر وحولها منطقة سكنية عشوائية ضخمة تُعرف اليوم باسم **”عزبة النصر”**. وعلى الرغم من أن شركة المعادي للتنمية والتعمير قامت ببناء أجزاء من هذه المنطقة، إلا أن النزاع القانوني حول ملكية الأرض لا يزال قائمًا بين الجمعية اليهودية والجهات الحكومية.
تُعد منطقة **بير أم سلطان** من المناطق الأثرية المعروفة في الحي. يُنسب اسم المنطقة إلى بئر مياه قديم أمرت بحفره والدة أحد سلاطين المماليك لتوفير مصدر مياه نقي في هذه المنطقة الصحراوية آنذاك. وهناك روايات تاريخية أخرى ترجع حفر البئر إلى السلطان أحمد بن طولون لإمداد مسجده الشهير بالمياه.
في النهاية، يمثل حي البساتين نموذجًا معقدًا وفريدًا للتطور الحضري في القاهرة. فهو حي يحمل في طياته تاريخًا زراعيًا عريقًا، بينما يعيش واقعًا صناعيًا وشعبيًا مزدحمًا. بين أزقته التي تحكي قصص الماضي ومصانعه التي تساهم في اقتصاد الحاضر، تتشكل هوية البساتين التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتظل شاهدًا على قدرة القاهرة على التغير والتكيف المستمر.
لمتابعتنا على صفحة فيسبوك: كله في المعادي
لاكتشاف المزيد من الأماكن في المعادي والمناطق المجاورة، تفضل بزيارة دليل المعادي الشامل من هنا: دليل المعادي
دار السلام والكثافة السكانية الرهيبة |
المعادى .. الهدوء وسط العاصفة |
زهراء المعادي
حي البساتين هو أحد أحياء القاهرة الكبرى، ويتميز بطابعه الشعبي الحيوي وكثافته السكانية العالية. يشتهر بوجود مناطق صناعية وحرفية، بالإضافة إلى كونه منطقة سكنية كبيرة.
يقع حي البساتين في جنوب القاهرة، ويجاوره مناطق هامة مثل المعادي ودار السلام، كما يمر به الطريق الدائري، مما يجعله متصلاً بالعديد من المحاور الرئيسية.
تشتهر البساتين تاريخيًا بوجود مدافن ومقابر تاريخية هامة. أما تجاريًا، فهي معروفة بأسواقها الشعبية، ومناطق صناعة الرخام والجرانيت، وورش الحرف اليدوية المختلفة.
تتوفر في البساتين كافة الخدمات الأساسية من محلات تجارية ومدارس ومستشفيات. كما أنها ترتبط بشبكة مواصلات جيدة نظرًا لقربها من الأوتوستراد والطريق الدائري ومواقف النقل العام.
يعتبر حي البساتين منطقة سكنية ذات أسعار معقولة ومناسبة للعديد من الأسر، خاصة لمن يفضلون السكن في منطقة حيوية وقريبة من الخدمات والأسواق الشعبية.