شارع جامعة الدول العربية





دليل شارع جامعة الدول العربية: عاصمة الأناقة والتسوق في قلب القاهرة


دليل شارع جامعة الدول العربية: عاصمة الأناقة والتسوق في قلب القاهرة

يُعتبر شارع جامعة الدول العربية أحد أشهر وأهم الشوارع ليس فقط في حي المهندسين، بل في القاهرة الكبرى بأكملها. هو أكثر من مجرد محور مروري، بل هو شريان حياة تجاري واجتماعي وثقافي، ووجهة رئيسية لكل من يبحث عن التسوق الراقي والترفيه الفاخر. يتميز الشارع، الذي يبدأ على بعد خطوات من الضفة الغربية لنهر النيل وينتهي في قلب منطقة حيوية، بطوله واتساعه وفخامة عماراته الحديثة، ولكنه يتميز أكثر بحفاظه على هوية اسمه؛ فهو بحق شارع “جامعة عربية” بامتياز، سواء على مستوى تنوع وجنسيات رواده، أو على مستوى أسماء الشوارع والمحلات التي تحيط به. بفضل ازدحامه بمئات المحلات التجارية العالمية، والكافيهات والمطاعم الشهيرة، وبفضل موقعه في قلب حي المهندسين الراقي، أصبح الشارع الوجهة المفضلة للأشقاء العرب، سواء كانوا من الجاليات المقيمة أو من السياح، خاصة في أشهر الصيف.


تاريخ الشارع: من أرض زراعية إلى محور الحداثة

يعد شارع جامعة الدول العربية حديثًا على كافة المستويات، سواء التاريخ أو العمارة أو طبيعة النشاط. فحتى أربعينيات القرن الماضي، كانت الأرض التي يقوم عليها اليوم جزءًا من رقعة زراعية خصبة، تشتهر بإنتاج أجود أنواع الخضروات والفواكه لسكان القاهرة. لم يكن هناك سوى القليل من المباني المتناثرة، وكانت المنطقة تُعتبر من ضواحي القاهرة الهادئة.

بدأ التحول الجذري بعد قيام ثورة يوليو 1952 مباشرة، حيث تم تأسيس وتخطيط الشارع كجزء من مشروع أكبر لإنشاء حي المهندسين. بدأ تكريس الشارع كوجهة حديثة ومغرية للسكن والتجارة في ستينيات القرن الماضي، ومع مرور الوقت، تطور ليصبح على ما هو عليه اليوم. يعتبر نادي الزمالك، الذي انتقل إلى موقعه الحالي على أرض الشارع في الخمسينيات، من أقدم وأهم منشآته على الإطلاق، وشاهدًا على مراحل تطوره. تتميز مباني الشارع في مجملها بأنها نماذج متطورة للعمارة الحديثة، فلا مكان فيها لبيت قديم أو منشأة أثرية مر على إنشائها مائة عام، مما يمنحه طابعًا عصريًا وموحدًا.

شارع جامعة الدول العربية

فلسفة التسمية: تجسيد لروح القومية العربية

جاء اختيار اسم “جامعة الدول العربية” لهذا الشارع الرئيسي استجابة سريعة ومباشرة لروح العصر في خمسينيات القرن الماضي. فمع صعود المد القومي العربي، وبناءً على نصيحة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بدأت حركة واسعة لإطلاق أسماء الدول والعواصم والرموز العربية على شوارع وميادين القاهرة والمدن المصرية. لم يكن الهدف مجرد تغيير الأسماء، بل كان ترسيخًا لفكرة الوحدة العربية في وجدان الشعب، وتأكيدًا على دور مصر الريادي في العالم العربي.

وفضلاً عن اسم الشارع الرئيسي، فإن أغلب الشوارع المحيطة به تحمل أسماء دول ومدن عربية، مما يكمل الصورة ويعزز الفكرة. نجد شوارع بأسماء: سوريا، لبنان، العراق، جدة، عدن، جزيرة العرب، وغيرها، بالإضافة إلى شارع السودان الذي يقع في نهاية الشارع، ليصبح التجول في هذه المنطقة بمثابة رحلة جغرافية في أرجاء الوطن العربي.

مقر جامعة الدول العربية: القصة الحقيقية

من المفارقات الهامة التي يجب توضيحها هي أن مقر الأمانة العامة لـجامعة الدول العربية، المؤسسة التي يحمل الشارع اسمها، لا يقع في هذا الشارع، بل يقع بعيدًا عنه في قلب القاهرة، وتحديدًا في ميدان التحرير (ميدان الإسماعيلية سابقًا). هذا المقر التاريخي هو الذي يشهد على اجتماعات القادة والوزراء العرب، وهو مركز العمل الدبلوماسي العربي المشترك.

نشأة جامعة الدول العربية: حلم الوحدة

تعود بدايات قيام هذا الكيان الإقليمي الهام إلى اجتماع تاريخي عُقد في القاهرة، ضم رئيس الوزراء المصري آنذاك، مصطفى النحاس باشا، ورئيس الوزراء السوري، جميل مردم بك، ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية، بشارة الخوري. في هذا الاجتماع، تم التباحث لأول مرة بشكل رسمي حول فكرة “إقامة جامعة عربية لتوثيق العرى بين البلدان العربية المنضمة لها”.

بعد هذا الاجتماع، بدأت الحكومة المصرية في إجراء مشاورات ثنائية مع باقي الحكومات العربية المستقلة في ذلك الوقت، وهي: العراق، وسوريا، ولبنان، والسعودية، ومملكة شرق الأردن، واليمن. أسفرت هذه المشاورات عن تشكيل لجنة تحضيرية، توصلت في 7 أكتوبر عام 1944 إلى بروتوكول الإسكندرية، الذي يعتبر الوثيقة التأسيسية الأولى التي نصت على قيام جامعة الدول العربية. وعلى أساس هذا البروتوكول، تم وضع ميثاق الجامعة، الذي تم التوقيع عليه في قصر الزعفران بالقاهرة يوم 22 مارس 1945، وتم اختيار الوزير المفوض في الخارجية المصرية، عبد الرحمن عزام باشا، كأول أمين عام للجامعة.


جولة في شارع جامعة الدول العربية: من ميدان نجيب محفوظ إلى نادي الزمالك

يبدأ شارع جامعة الدول العربية بميدان فسيح وأنيق، قلما تجد مثله بين ميادين القاهرة المزدحمة. يتوسط هذا الميدان تمثال حديث للروائي العالمي الراحل نجيب محفوظ، وهو يشرف على حديقة واسعة. تم افتتاح هذا التمثال في 16 يونيو عام 2002، ليضيف لمسة ثقافية رفيعة على مدخل الشارع. يحيط بالميدان عدد من المنشآت التجارية والترفيهية الهامة، مثل سينما سفنكس، والبنك التجاري للتنمية، وسوق الكمبيوتر الشهير.

نادي الزمالك: تاريخ عريق في قلب الشارع

بعد الميدان مباشرة، يبدأ سور نادي الزمالك العريق، والذي يمثل أحد أهم معالم الشارع وتاريخه. انتقل نادي الزمالك، أحد قطبي الكرة المصرية، إلى مقره الحالي في الشارع في خمسينيات القرن الماضي. تاريخ النادي نفسه يعود إلى عام 1911، حيث أسسه البلجيكي جورج مرزباخ تحت اسم “نادي قصر النيل”، ثم تغير اسمه إلى “المختلط” لأن أعضاءه الأوائل كانوا خليطًا من المصريين والأجانب. وبعد عدة تنقلات، أطلق عليه اسم “نادي فاروق” في عام 1941، قبل أن يستقر على اسمه الحالي “نادي الزمالك” بعد ثورة 1952، وينتقل إلى أرضه الحالية في قلب المهندسين.

لم يكن انتقال النادي مجرد تغيير للمكان، بل كان جزءًا من التنافس التاريخي المحموم مع غريمه التقليدي، النادي الأهلي. ففي حين تأسس الأهلي بجهود مصرية خالصة وكان رمزًا للوطنية، تأسس الزمالك بجهود أجنبية في البداية. انتقال الزمالك إلى هذا الموقع الراقي كان خطوة للاقتراب من مكانة النادي الأهلي في جزيرة الزمالك، وترسيخ مكانته كأحد أندية القمة في مصر.

سور نادي الزمالك: واجهة تجارية فريدة

يتميز سور نادي الزمالك المطل على شارع جامعة الدول العربية بأنه ليس مجرد سور حجري، بل هو مجمع تجاري ضخم يمتد بطول النادي. هذا التصميم الفريد كان له دور كبير في انتقال الحركة التجارية من مناطق وسط البلد التقليدية إلى المهندسين. يضم هذا السور عشرات المحلات التجارية التي تحمل أسماء أشهر الماركات في مختلف المجالات، بالإضافة إلى المطاعم والمقاهي. في مواجهة سور النادي، تتجاور عشرات المحلات التجارية الأخرى، مثل مطاعم “بيتزا كينج” و”مؤمن”، وصالون التجميل الشهير “محمد الصغير”. تتوسط هذه المنطقة مجموعة من الفنادق مثل فندق “النبيلة” وفندق “أطلس”، بالإضافة إلى صيدليات كبرى مثل “صيدلية سمير” و”صيدلية فاروق”، ومعارض شهيرة مثل “النساجون الشرقيون” و”كمبيوتر سيتي”.


من شارع البطل إلى مسجد مصطفى محمود: معالم لا تُنسى

ينتهي سور نادي الزمالك عند تقاطع شارع جامعة الدول العربية مع شارع حيوي آخر هو شارع البطل أحمد عبد العزيز. سُمي هذا الشارع تخليدًا لذكرى القائد العسكري المصري الذي استقال من الجيش وقاد كتائب المتطوعين للدفاع عن فلسطين في حرب 1948، واستشهد هناك برصاصة خطأ. تتصدر ناصية هذا الشارع حديقة صغيرة يتوسطها تمثال للفنان والنحات المصري الراحل جمال السجيني (1917-1977)، مما يضيف بعدًا فنيًا آخر للمنطقة.

بعد هذا التقاطع، يستمر الشارع ليمر بجوار معالم هامة أخرى. من جهة، تقع مؤسسة “أخبار اليوم” الصحفية العريقة، ومطعم “أبو شقرة” الشهير للمشويات. ومن الناحية الأخرى، تمتد حديقة واسعة تفضي إلى واحد من أهم معالم المهندسين، وهو جامع ومؤسسة مصطفى محمود. هذا المكان ليس مجرد جامع كبير تقام فيه الصلوات، بل هو مؤسسة اجتماعية وطبية متكاملة، تضم مستشفى وعيادات خيرية تقدم خدماتها للفقراء بأسعار رمزية، بالإضافة إلى قاعة مناسبات كبرى شُيع منها جثامين العديد من كبار الفنانين والمثقفين، مثل الفنانة الراحلة سعاد حسني.

الحياة الاجتماعية: ملتقى النجوم والنخبة

اكتسب شارع جامعة الدول العربية ومنطقة المهندسين المحيطة به شهرة واسعة كمنطقة سكن مفضلة للعديد من نجوم المجتمع المصري والعربي. هذا الخليط من السكان، الذي يجمع بين الطبقة الغنية والمتوسطة العليا، والأشقاء العرب، والعديد من المشاهير، يمنح المنطقة طابعًا اجتماعيًا فريدًا. يسكن في المنطقة العديد من نجوم السينما والغناء، مثل الفنان محمد هنيدي، والمخرج جلال الشرقاوي، والفنان الراحل نور الشريف، والفنانة سميرة سعيد. كما أنها كانت موطنًا لكبار الشعراء مثل عبد الرحمن الأبنودي وحسن طلب، بالإضافة إلى العديد من الوزراء والشخصيات السياسية والرياضية البارزة. هذا الوجود المكثف للمشاهير يضيف إلى بريق الشارع وجاذبيته، ويجعله دائمًا تحت الأضواء.

كيفية الوصول إلى شارع جامعة الدول العربية: دليل المواصلات

يعتبر الوصول إلى شارع جامعة الدول العربية أمرًا سهلاً نسبيًا بفضل موقعه المركزي وشبكة المواصلات التي تخدمه، خاصة مع التطورات الأخيرة في شبكة مترو الأنفاق.

عن طريق مترو الأنفاق:

  • الخط الثالث (الخط الأخضر): هو الخيار الأفضل والأكثر حداثة. تعتبر محطة مترو جامعة الدول (Gameat El Dewal) التي تم افتتاحها مؤخرًا هي المحطة التي تخدم قلب الشارع مباشرة. كما أن محطة وادي النيل ومحطة التوفيقية على نفس الخط قريبتان جدًا وتوفران وصولاً سهلاً لأجزاء مختلفة من الشارع.
  • الخط الثاني (شبرا – المنيب): يمكن استخدام محطة مترو الدقي أو محطة البحوث، ومن ثم استقلال سيارة أجرة أو ميكروباص لمسافة قصيرة للوصول إلى الشارع.

عن طريق وسائل النقل الأخرى:

يعتبر شارع جامعة الدول العربية محورًا رئيسيًا لخطوط الحافلات العامة والميكروباصات التي تربطه بأغلب مناطق القاهرة والجيزة. كما أن استخدام تطبيقات النقل الذكي مثل “أوبر” و”كريم” يعد وسيلة شائعة ومريحة للوصول إليه.


خاتمة: شارع لا ينام في قلب القاهرة

في الختام، يمكن القول إن شارع جامعة الدول العربية هو أكثر من مجرد شارع؛ إنه تجربة حضرية متكاملة، وظاهرة اجتماعية واقتصادية فريدة. يجمع الشارع بين فخامة العمارة الحديثة، وبريق الماركات العالمية، وحيوية المطاعم والمقاهي، ودفء اللقاءات الاجتماعية. إنه شاهد على تطور مدينة القاهرة، ورمز لروح القومية العربية، ووجهة لا غنى عنها لكل من يعيش في العاصمة أو يزورها. بفضل كل هذه العوامل، يظل شارع جامعة الدول العربية وجهة مهمة وحيوية، وقلبًا نابضًا بالحياة لا يهدأ في جسد القاهرة الكبير.



كيفية الوصول إلى شارع جامعة الدول العربية: دليل المواصلات

يعتبر الوصول إلى شارع جامعة الدول العربية أمرًا سهلاً نسبيًا بفضل موقعه المركزي وشبكة المواصلات التي تخدمه، خاصة مع التطورات الأخيرة في شبكة مترو الأنفاق.

عن طريق مترو الأنفاق:

  • الخط الثالث (الخط الأخضر): هو الخيار الأفضل والأكثر حداثة. تعتبر محطة مترو جامعة الدول (Gameat El Dewal) التي تم افتتاحها مؤخرًا هي المحطة التي تخدم قلب الشارع مباشرة. كما أن محطة وادي النيل ومحطة التوفيقية على نفس الخط قريبتان جدًا وتوفران وصولاً سهلاً لأجزاء مختلفة من الشارع.
  • الخط الثاني (شبرا – المنيب): يمكن استخدام محطة مترو الدقي أو محطة البحوث، ومن ثم استقلال سيارة أجرة أو ميكروباص لمسافة قصيرة للوصول إلى الشارع.

عن طريق وسائل النقل الأخرى:

يعتبر شارع جامعة الدول العربية محورًا رئيسيًا لخطوط الحافلات العامة والميكروباصات التي تربطه بأغلب مناطق القاهرة والجيزة. كما أن استخدام تطبيقات النقل الذكي مثل “أوبر” و”كريم” يعد وسيلة شائعة ومريحة للوصول إليه.


خاتمة: شارع لا ينام في قلب القاهرة

في الختام، يمكن القول إن شارع جامعة الدول العربية هو أكثر من مجرد شارع؛ إنه تجربة حضرية متكاملة، وظاهرة اجتماعية واقتصادية فريدة. يجمع الشارع بين فخامة العمارة الحديثة، وبريق الماركات العالمية، وحيوية المطاعم والمقاهي، ودفء اللقاءات الاجتماعية. إنه شاهد على تطور مدينة القاهرة، ورمز لروح القومية العربية، ووجهة لا غنى عنها لكل من يعيش في العاصمة أو يزورها. بفضل كل هذه العوامل، يظل شارع جامعة الدول العربية وجهة مهمة وحيوية، وقلبًا نابضًا بالحياة لا يهدأ في جسد القاهرة الكبير.



Comments

  • No comments yet.
  • Add a comment